وعلاجه المعرفة المضادة لذلك الجهل، فما يدخل تحت اختيار العبد إذا حصله من مال أو علم أو عبادة أو إحسان فهذا له حالتان:
إن كان إنما يعجب به من حيث أنه فيه فهو محله ومجراه يجري فيه وعليه من جهة غيره، فهذا جهل، إذ كيف يعجب بما ليس إليه ولا منه؟.
وإن كان يعجب به من حيث أنه هو منه وإليه، وباختياره حصل، وبقدرته تم، فهذا ينبغي أن يتأمل في قدرته وإرادته وسائر الأسباب التي يتم بها عمله، من أين هي؟ ومن أين كانت له؟.
فإن كان جميع ذلك نعمة من الله عليه من غير حق سبق له، ومن غير وسيلة يدلي بها، فينبغي أن يكون إعجابه بجود الله وكرمه وفضله، إذ أفاض عليه ما لا يستحقه، وآثره به على غيره من غير سابقة.
فكل خير وفضل حصل للعبد فهو من الله وحده، والواجب شكره عليه، ومهما غلب ذلك على القلب شغله خوف سلب هذه النعمة عن الإعجاب بها.
وما يحصل به العجب أمور:
الأول: أن يعجب الإنسان ببدنه في جماله وصحته وقوته وحسن صورته وحسن صوته، ونحو ذلك، فيلتفت إلى جمال نفسه وينسى أنه نعمة من الله تعالى، وهو بعرضة الزوال في كل حال.
الثاني: البطش والقوة كما حكى الله عن قوم عاد بقوله سبحانه: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥)} [فصلت: ١٥].
الثالث: العجب بالعقل والفطنة، وذلك يولد الاستبداد بالرأي، وترك المشورة، واستجهال الناس المخالفين له، ويخرجه إلى قلة الإصغاء إلى أهل العلم، إعراضاً عنهم بالاستغناء بالرأي والعقل، واستحقاراً لهم وإهانة.
وعلاجه: أن يشكر الله تعالى على ما رزقه من نعمة العقل، وأنه قادر على سلبه منه.