ومن وقاره سبحانه أن لا تعدل به شيئاً من خلقه ... لا في اللفظ كقولك: ما شاء الله وشئت .. ولا في الحب والتعظيم والإجلال .. ولا في الطاعة فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله، بل أعظم؛ كما عليه أكثر الظلمة والفجرة .. ولا في الخوف والرجاء، فلا يجعله أهون الناظرين إليه.
ولا يستهين بحق الله عزَّ وجلَّ ويقول هو مبني على المسامحة، ولا يجعله على الفضلة ويقدم حق المخلوق عليه.
ولا يعطي المخلوق في مخاطبته قلبه ولبه، ويعطي الله في عبادته بدنه ولسانه دون قلبه وروحه.
ولا يجعل مراد نفسه مقدماً على مراد ربه.
فهذا كله من عدم وقار الله في القلب، ومن لا يوقر الله العظيم، كيف يوقر كلامه ورسله ودينه وأوامره؟. {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣)} [نوح: ١٣].
ومن كان كذلك فإن الله لا يلقي له في قلوب الناس وقاراً ولا هيبة، بل يسقط وقاره وهيبته من قلوبهم، وإن وقروه مخافة شره فذلك وقار بغض لا وقار حب وتعظيم.
ومن وقار الله وإجلاله وتعظيمه أن يستحي العبد منه في الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس.
ومن وقار الله أن يستحي العبد من اطلاعه على سره وقلبه فيرى فيه ما يكره.
ومن وقار الله توقير كلامه ورسله ودينه، وعدم هجر كتابه، ومن لا يوقر الله وكلامه، وما آتاه من العلم والحكمة كيف يطلب من الناس توقيره وإكرامه؟.