وهذه الحواس الخمس لها أشباح وأرواح، وأرواحها حظ القلب ونصيبه منها.
فمن الناس من ليس لقلبه منها نصيب إلا كنصيب الحيوانات البهيمية منها، فهو بمنزلتها كما قال سبحانه: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٤]
ولهذا نفى الله تبارك وتعالى عن الكفار السمع والبصر والعقل، لعدم انتفاعهم بها كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} [الأعراف: ١٧٩].
فهم يسمعون ويبصرون بالحواس الظاهرة، وبهما قامت عليهم الحجة، ولا يسمعون ولا يبصرون بالحواس الباطنة، التي هي سماع القلب، التي هي روح حاسة السمع، التي هي حظ القلب، ولو سمعوه من هذه الجهة، لحصلت لهم الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
وتعلق السمع الظاهر الحسي بالقلب، أشد من تعلق البصر به، وآثاره على قلب الإنسان أسرع وأشد، فربما غشي على الإنسان إذا سمع كلامًا يسره أو يسوؤه، أو صوتًا لذيذًا طيبًا مناسبًا، ولا يحصل له ذلك من رؤية الأشياء بالبصر الظاهر إلا نادرًا.
فإذا كان المسموع معنى شريفًا بصوت لذيذ، حصل للقلب حظه ونصيبه من إدراك المعنى، وابتهج به أتم ابتهاج على حسب إدراكه له، كما يحصل للقلب عند سماع آيات القرآن المرتلة.