وللروح حظها ونصيبها من لذة الصوت ونغمته وحسنه، فيحصل لها الارتياح، ويتم الابتهاج، وتتضاعف اللذة، حتى ربما فاض الابتهاج والسرور على البدن والجوارح وعلى الجليس.
ويكاد القلب لكمال لذته، وتوفر غذائه، أن يفارق هذا العالم، ويلج عالمًا آخر، ويجد له لذة وحالة لا يعهدها في شيء غيره البتة.
وذلك لمحة من حال أهل الجنة في الجنة.
فيا له من غذاء ما أصلحه .. وما أنفعه .. وما أيسره.
والقلب يتأثر بالسماع بحسب ما فيه من المحبة، فإذا امتلأ من محبة الله، سمع كلام محبوبه، وتأثر به وانتفع به.
وقلوب البشر على ثلاثة أقسام:
أحدها: من اتصف قلبه بصفات نفسه، بحيث صار قلبه نفسًا محضة، فغلبت عليه آفات الشهوات والأهواء.
فهذا حظه من السماع الديني كحظ البهائم، لا يسمع إلا دعاءً ونداءً.
الثاني: من اتصفت نفسه بصفات قلبه، فصارت نفسه قلبًا محضًا، فغلبت عليه المعرفة والمحبة، والعقل واللب.
وعشق صفات الكمال، فاستنارت نفسه بنور قلبه، واطمأنت إلى ربها، وقرت عينها بعبوديته، وصار نعيمها في حبه وقربه.
فهذا حظه من السماع مثل أو قريب من حظ الملائكة، وسماعه غذاء قلبه وروحه، وقرت عينه.
الثالث: من له منزلة بين منزلتين، وقلبه باق على فطرته الأولى، لكن ما تصرف في نفسه تصرفًا أحالها إليه، ولا قويت النفس على القلب فأحالته إليها، فبين النفس والقلب منازلات ووقائع.
تدال النفس عليه تارة .. ويدال عليها تارة .. والحرب سجال.
فهذا حظه من السماع حظ بين الحظين، فإن صادفه وقت دولة القلب كان حظه