للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستحقرت فيه ترك المعاصي، واستلانت خشونة المواظبة على العبادات؛ لإدراكها في الباطن لذة الشهوات، فهو يرى أنه مخلص في طاعة الله، مجتنب لمحارم الله، والنفس قد أبطنت هذه الشهوة تزيناً للعباد، وتصنعاً للخلق، وفرحاً بما نالت من المنزلة والوقار، وأحبطت بذلك ثواب الطاعات، وأجور الأعمال، وقد أثبت اسمه في صحيفة المنافقين وهو يظن أنه عند الله من المقربين، وهذه مكيدة للنفس لا يسلم منها إلا الصديقون.

فالرياء هو الداء الدفين، وهو أعظم شبكة للشياطين في إفساد أعمال المؤمنين. وحد الرياء: ترك الإخلاص في العمل بإرادة العامل بعبادته غير وجه الله تعالى كأن يقصد اطلاع الناس على عبادته وعمله فيحصل له منهم نحو مال أو جاه أو ثناء.

وللمرائي أربع علامات:

يكسل إذا كان وحده .. وينشط إذا كان في الناس .. ويزيد في العمل إذا أثني عليه .. ويُنقص العمل إذا ذُم.

والرياء مشتق من الرؤية، والسمعة مشتقة من السماع، والرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإيرائهم خصال الخير، إلا أن الجاه والمنزلة تُطلب في القلب بأعمال سوى العبادات، وتطلب بالعبادات.

واسم الرياء مخصوص بحكم العادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادة وإظهارها.

فحد الرياء: هو إرادة العباد بطاعة الله.

فالمرائي هو العابد .. والمراءى هو الناس المطلوب رؤيتهم للظفر بالمنزلة في قلوبهم .. والمراءى به هو الخصال والأعمال التي قصد المرائي إظهارها .. والرياء هو قصده إظهار ذلك.

والمراءى به كثير، وتجمعه ستة أشياء، وهي مجامع ما يتزين به العبد للناس وهي: البدن .. والزي .. والقول .. والعمل .. والأتباع .. والأشياء الخارجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>