فالأول: الرياء في الدين بالبدن بإظهار النحول والتقشف والصفار، ليوهم بذلك شدة الاجتهاد، وعظم الحزن على أمر الدين، وغلبة خوف الآخرة، وليدل بالنحول على قلة الأكل، وبالصفار على سهر الليل، وبشعث الرأس على استغراق الهم بالدين، وعدم التفرغ لتسريح الشعر.
وهذه الأسباب إذا ظهرت استدل بها الناس على هذه الأمور، فارتاحت النفس لمعرفتهم، ويقرب من هذا خفض الصوت، وإغارة العينين، وذبول الشفتين، ليستدل بذلك على أنه مواظب على الصوم.
الثاني: الرياء بالهيئة والزي.
أما الهيئة فبتشعيث شعر الرأس، وحلق الشارب، وإطراق الرأس في المشي، والهدوء في الحركة، وغلظ الثياب، ولبس المرقعات وتشميرها إلى أعلى الساق، وترك نظافة الثياب، كل ذلك يرائي به ليُظهر من نفسه أنه متبع للسنة فيه.
الثالث: الرياء بالقول.
ويكون بالوعظ والتذكير، والنطق بالحكمة، وحفظ الأخبار والآثار، إظهاراً لغزارة العلم، والانتصار في المحاورات، وتحريك الشفتين بالذكر في محضر الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمشهد الخلق، وإظهار الغضب للمنكرات، وإظهار الأسف على مقارفة الناس للمعاصي ونحو ذلك.
وكذلك بالصوم والصدقة والحج والغزو، وإطعام الطعام، والإخبات في المشي عند اللقاء ونحو ذلك.
الخامس: المراءاة بالأصحاب والزائرين كالذي يتكلف أن يستزير عالماً من العلماء ليقال إن فلاناً قد زار فلاناً، أو عابداً من العباد ليقال أن أهل الدين يتبركون بزيارته، وكالذي يكثر من ذكر الشيوخ ليرى الناس أنه لقي شيوخاً