للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)} [الجمعة: ٤].

إن نعم الله على عباده لا يمكن ان يحصيها أحد، وهي نعم لا يمكن لأحد أن يحيط بها كما قال سبحانه: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)} [إبراهيم: ٣٤].

إن الشمس التي تشرق كل صباح هي نعمة من نعم الله التي سخرها لعباده، وهي تشرق كل يوم بإذن ربها وأمره، لتذكر الإنسان بنعمة الله عليه، وتسخيرها له، وكذلك القمر، وكذلك النجوم، وكذلك الأرض، وكل ما تعطي من عطاء للبشر من ماء ونبات، وحجر ومعدن وغاز.

وكذلك الأنعام التي تدر الألبان.

والإبل والخيل التي يركبها الإنسان، كلها مذللة ومسخرة للإنسان ومنقادة له.

وهذه الطاعة ليست للبشر، ولكن لأمر الله في التسخير للبشر، فالجمل أو الحصان لا يخضع للطفل الصغير خوفاً منه، ولا عن عدم قدرة، ولكنه يخضع له، لأن الله أمره أن يخضع له.

وحتى يذكرنا الله بهذه النعمة، خلق الله بعض الحيوانات ولم يجعلها مذللة له، بل تركها غير مسخرة له، كالسباع والأسود والثعابين، ونحوها مما يخاف الناس منه.

وهذه الحيوانات ظلت وستظل لا تخضع لبشر، فهو سبحانه وحده الذي سخر ما شاء من خلقه لبعض خلقه، فهي مطيعة في كل زمان ومكان لأمر ربها في هذا التسخير: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٢٠)} [لقمان: ٢٠].

والله عزَّ وجلَّ غفور كريم رحيم، يفرح بتوبة العبد إذا تاب إليه أعظم فرح وأكمله، ويكفر عنه ذنوبه، ويوجب له محبته بالتوبة، وهو الذي ألهمه إياها، ووفقه لها، وأعانه عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>