للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من علمه إلا بما شاء.

والله سبحانه هو العليم بكل شيء، ولا يخفى عليه من أحوال خلقه شيء، فهو الذي خلق البشر، وخلق قلوبهم، وخلق نفوسهم، وهو الذي يعلم مداخلها ومكامنها التي أودعها إياها، ويعلم الجهر وما يخفى.

فماذا نخفي؟ .. وماذا نعلن؟: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٣٨)} [إبراهيم: ٣٨].

إن السر والجهر كله مكشوف لعلم الله سواء، وهو سبحانه يعلم ما هو أخفى من السر، وهو عليم بذات الصدور، فهو الذي خلق ما في الصدور كما خلق الصدور، ألا يعلم سبحانه من خلق وهو الذي خلق؟

وهو سبحانه اللطيف الخبير، الذي يصل علمه إلى الدقيق والصغير، والخفي والمستور، فيعلم النيات والإرادات، والأقوال والأفعال، والسرائر والغيوب: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٣، ١٤].

والله جل جلاله محيط بكل شيء، أحاط علمه بالبشر وحركاتهم، فهم في قبضته، لا ينامون إلا بإذنه، ولا يقومون إلا بإذنه، ولا تتحرك جوارحهم بفعل أو ترك إلا بإذنه، ولا يعملون من عمل إلا وعند الله علم بما كسبت نفوسهم من خير أو شر، وهم مراقبون في حركاتهم وسكناتهم، لا يند عن علم الله منهم شيء: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠)} ... [الأنعام: ٦٠].

وهو سبحانه القاهر فوق عباده، العليم بأحوالهم، الرقيب عليهم، وهم جميعاً تحت سيطرته وقهره وعلمه، فكل حركة من حركاتهم بقدر، وكل نفس من أنفاسهم بقدر، وعليهم ملائكة يحصون على كل إنسان ما يفعله من خير أو شر في الدنيا، ثم إذا جاء أجلهم توفتهم الملائكة الموكلون بقبض الأرواح، فلا يزيدون ساعة مما قدر الله ولا ينقصون، ثم يردون إلى ربهم ليحكم فيهم

<<  <  ج: ص:  >  >>