وهذه السعادة لا يعرف قدرها، ويبعث على طلبها، إلا العلم بها، وإنما رغب أكثر الخلق عن اكتساب هذه السعادة وتحصيلها لوعورة طريقها وتعب تحصيلها، والجهل بقيمتها.
ولولا جهل الأكثرين بحلاوة هذه السعادة، وعظم قدرها لتجالدوا عليها بالسيوف، ولكن حفت بحجاب من المكاره، وحجبوا عنها بحجاب من الجهل، ليختص الله بها من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم.
وسعادة العبد تتم بثلاثة أشياء:
التوحيد .. وضده الشرك.
السنة .. وضدها البدعة.
الطاعة .. وضدها المعصية.
ولهذه الثلاثة ضد واحد، وهو خلو القلب من الرغبة إلى الله، وفيما عند الله، ومن الرهبة من الله، ومما عنده.
والإنسان لجهله يعتقد أن العزة في الدنيا بثلاثة أشياء:
بالمال .. والمنصب .. والجاه.
لكن الصحيح أن العزة في الدنيا والآخرة تحصل للإنسان بالإيمان والأعمال الصالحة، وطاعة الله ورسوله كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)} [الأحزاب: ٧١].
ومن استقام على أوامر الله، وقام بالدعوة إلى الله، وصبر على ذلك أعزه الله في الدنيا، وأكرمه بخمس كرامات:
الأولى: أن الله يعزه وإن لم تكن عنده أسباب العزة كبلال.
الثانية: أن الله يجعل جميع أعمال الدين محبوبة لديه.