وذلك ليتناسق مع النظام الكوني كله، الطائع لربه المنقاد لأمره.
فلا يحل للإنسان أن ينفرد بمنهج من صنع نفسه لا يتناسق مع ذلك النظام الكوني من صنع بارئه.
وبتحكيم منهج الله في الأرض يحقق الإنسان وظيفة الخلافة في الأرض، كما وهبها الله له، وشرفه بها، واختاره لها.
وحين يخرج الإنسان بنظام حياته عن منهج الله لا يصطدم مع الكون فحسب، بل يصطدم أولاً بفطرته التي بين جنبيه فيشقى ويتمزق، ويحتار ويقلق، ويحيا كما تحيا البشرية الضالة التائهة اليوم.
فهي في عذاب يأكلها ويلعب بأحشائها من الداخل، وينخر في أجسادها من الخارج، خوف دائم، وقلق مستمر، ورعب وإرهاب، وجرائم تفتك بالأفراد والأمم والدول، فهي في عذاب دائم، على الرغم من جميع الانتصارات العلمية الباهرة .. وجميع التسهيلات الحضارية المادية .. والإنتاج الوفير .. والفراغ الكثير .. والرخاء المادي.
إن البشرية اليوم تعاني من الخواء المرير، خواء الروح من الإيمان التي لا تطيق فطرتها أن تصبر عليه.
وخواء حياتها من المنهج الإلهي الذي ينظم حياتها، وينسق بين حركتها، وحركة الكون الذي تعيش فيه.
ولذا تجد في هذه الأمة التائهة الشقاء والقلق، والحيرة والاضطراب، وتحس الخواء والجوع والحرمان، فتهرب من واقعها النكد المشين، إلى المسكرات والمخدرات، والشذوذ في الحركة واللباس والأخلاق، وكلما زاد الرخاء والإنتاج زادت الحيرة والمشاكل والاضطراب: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١)} [الانشقاق: ٢٠، ٢١].