وحقيقة التوحيد: التعلق بالله وحده ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، وعدم التعلق بغيره، أو الالتفات إلى ما سواه.
فحصول الضرر والنفع .. واختلاف الليل والنهار .. وتبدل الحر بالبرد .. وحصول الجوع والشبع .. والأمن والخوف .. والصحة والمرض .. والعزة والذلة .. والفقر والغنى .. ليست بذاتها .. بل أمر الله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)} [الزمر: ٦٢].
فالموحد لا يتعلق قلبه بالأسباب النافعة كالطعام والدواء مثلاً، ولا يتعلق بالأسباب الضارة كالنار والسموم، بل يتعلق قلبه بالله وحده، الذي له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وبيده مقاليد الأمور.
ابتلاه بالمصائب، لينظر أين يتوجه القلب في جميع الأحوال، إلى الله أم إلى الأسباب؟.
فقلب المؤمن يتوجه عند الجوع إلى الله، وعند المرض إلى الله، وقلب الكافر يتوجه عند الجوع إلى الطعام، وعند المرض إلى الدواء .. وهكذا .. وابتلاه الله بالشهوات والأوامر، لينظر من يقدم أوامر الله على الشهوات، فالمؤمن يقدم أمر الله على المباحات، ومحبوبات النفس، والكافر يقدم محبوباته وشهواته على كل شيء.