للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كل شأن من شئون الحياة.

إن عبادة الأصنام والأوثان والأحجار وسائر الأوثان التي كان يزاولها أهل الجاهلية لا تستغرق كل صور الشرك بالله، ولا تستغرق كل صور العبادة للأصنام من دون الله، وإنما هي صورة من صور الشرك بالله التي يجب تغييرها، وصرف العبادة لله وحده لا شريك له.

والوقوف بمدلول الشرك عند هذه الصور يمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية لها في ميادين الحياة في كل زمان ومكان.

إن التوحيد هو الدينونة لله في كل شيء، والشرك بالله يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة خالصة لله وحده في كل شأن من شئون الحياة، فالرب واحد، والمعبود واحد، والمطاع واحد، والآمر واحد لا شريك له: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} [البينة: ٥].

إن العبد الذي يتوجه إلى الله بالاعتقاد في ألوهيته وحده .. ثم يدين لله في الوضوء والصلاة، والصوم والحج، وسائر الشعائر .. بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاجتماعية والاقتصادية لشرائع من غير الله .. ويدين في قيمه وأخلاقه وأزيائه لأرباب من البشر .. تفرض عليه هذه الأخلاق والمعاملات والأزياء مخالفة لشرع الله وأمره .. فتارة ينفذ أوامر الله .. وتارة ينفذ أوامر البشر .. يدين لربه في حال .. ويدين لغيره في حال.

إن هذا العبد يزاول الشرك في أخص حقيقته، ويخالف شهادة أن (لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) في أخص حقيقتها.

فأي إيمان؟ .. وأي توحيد؟ .. وأي اقتداء مع هذا الخلط العجيب؟.

{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥)} [البقرة: ٨٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>