للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزينتها، وليعلم الصادق من الكاذب: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣)} [العنكبوت: ٢، ٣].

فلا بدَّ من حصول الألم والمحنة لكل نفس آمنت أو كفرت، لكن المؤمن قد يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً، ثم تكون له عاقبة الدنيا والآخرة.

والكافر والمنافق والفاجر قد تحصل له اللذة والنعيم ابتداء، ثم يصير إلى الألم والحسرة، فلا يطمع أحد أن يخلص من المحنة والألم البتة.

والإنسان لا بدَّ له أن يعيش مع الناس، ولا ينفك عن موافقتهم أو مخالفتهم، وفي الموافقة ألم وعذاب إذا كانت على باطل، وفي المخالفة ألم وعذاب إذا لم يوافق أهواءهم.

والكافر كالأعمى الذي يتردى في حفرة، لا بدَّ من رحمته والأخذ بيده قبل أن يسقط، ولو تركناه حتى يسقط نكون ظالمين.

فكذلك الكافر لو تركناه على كفره حتى يموت يدخل النار، فلا بدَّ من رحمته ودعوته والأخذ بيده، والإحسان إليه، حتى يدخل نور الإيمان في قلبه.

ولكن أكثر المسلمين اليوم بسبب جهلهم وغفلتهم تركوا العاصي ومعصيته، فكيف بالكافر، وحُرموا الحزن على العاصي، ثم حرموا الحزن على الكفار، فقل نزول الهداية بسبب ترك الدعوة، والفكر في هداية البشرية، وتحول الفكر من الإيمان والأعمال الصالحة، إلى الفكر في زيادة الأموال وتملك الأشياء.

وهذا كله من جهل الإنسان بربه، وكفره بنعمه، فإن الإنسان كفور للنعم، إلا من هدى الله، فمَنَّ عليه بالعقل السليم، واهتدى إلى الصراط المستقيم، فإنه يعلم أن الخالق البارئ المصور، العزيز الرحيم، الغني الكريم، الذي يكشف الشدائد، وينجي من الأهوال، هو الذي يستحق أن يفرد بالعبادة، وتخلص له سائر الأعمال في العسر واليسر، وفي الشدة والرخاء.

لقد أكرم الله بني آدم بجميع وجوه الإكرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>