للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان أحب الأشياء إلى الله عزَّ وجلَّ حمده ومدحه والثناء عليه بأسمائه وصفاته وأفعاله، كان إنكارها وجحدها أعظم الإلحاد والكفر به، وهو شر من الشرك، فالمعطل أشر من المشرك.

فإنه لا يستوي جحد صفات الملك وحقيقة ملكه، والتشريك بينه وبين غيره في الملك.

فالمعطلون هم أعداء الرسل بالذات، بل كل شرك في العالم فأصله التعطيل، فإنه لولا تعطيل كماله أو بعضه وظن السوء به لما أشرك به كما قال سبحانه: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)} [الصافات: ٨٦، ٨٧].

أي فما ظنكم به أن يجازيكم وقد عبدتم معه غيره؟

وما الذي ظننتم به حتى جعلتم معه شركاء؟

أظننتم أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟

أم ظننتم أنه يخفى عليه شيء من أحوال عباده حتى يحتاج إلى شركاء تعرفه بها كالملوك؟

أم ظننتم أنه لا يقدر وحده على استقلاله بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟.

أم ظننتم أنه قاس فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟

أم هو ذليل فيحتاج إلى أولياء يتكثر بهم من قلة، ويتعزز بهم من ذلة؟

أم يحتاج إلى الولد فيتخذ صاحبة يكون الولد منها ومنه؟

تعالى الله عن ذلك كله علواً كبيراً: {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨)} [يونس: ٦٨].

فما أسوأ هذا الظن بالله، وما أخسر من ظن به ظن السوء، ونسب إليه ما لا يليق به وبجلاله وعظمته وكبريائه: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} [فصلت: ٢٣].

ألا ما أخطر الجهل على الإنسان، وما أشنع الكفر والشرك بالله، وما أقبح

<<  <  ج: ص:  >  >>