ومن هنا نعلم أن الله تبارك وتعالى له الحمد كله، وله الحب كله، وأن أحداً من خلقه لا يحصي ثناءً عليه، بل هو سبحانه كما أثنى على نفسه، فهو سبحانه الذي يستحق أن يعبد لذاته، وأن يحب لذاته، وأن يشكر لذاته، وأن يحمد لذاته: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣)} [الحشر: ٢٣].
وحبه تبارك وتعالى لنفسه، وحمده لنفسه، وتوحيده لنفسه، هو في الحقيقة الحمد والثناء والتوحيد الكامل الذي يليق به سبحانه.
وهو سبحانه كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني به عليه خلقه.
وهو سبحانه كما يحب ذاته، يحب صفاته وأفعاله، فكل أفعاله حسن محبوب، وإن كان في مفعولاته ما يبغضه ويكرهه، فليس في أفعاله ما يكرهه ويسخطه، فأفعاله وصفاته كلها حسنى.
وليس في الوجود ما يحب لذاته، ويحمد لذاته إلا الله عزَّ وجلَّ.
وكل ما يحب سواه، فإن كان المحبوب لأجله، وتابع لمحبته، فمحبته صحيحة، وإلا فهي باطلة، ومن أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان.
وهذه حقيقة العبودية، وحقيقة الإلهية، فإن الإله الحق هو الذي يُّحب لذاته، ويُّحمد لذاته، ويُعبد لذاته، وصرف ذلك لغيره جهل: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي