للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس لها همة في سوى ذلك.

وأما ما لا يحمد ولا يذم: فهو ما خلا عن هذين القصدين، وتجرد عن الوصفين.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُّحِبُّ الْجَمَالَ» أخرجه مسلم (١).

فهذا الحديث مشتمل على أصلين عظيمين:

أوله معرفة .. وآخره سلوك.

فيعرف العبد ربه بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء، ويعبده بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والأخلاق واللباس.

فالله عزَّ وجلَّ يحب من عبده أن يجمِّل لسانه بالصدق، ويجمِّل قلبه بالإيمان والتوحيد، والإخلاص والمحبة، والإنابة والتوكل، والخوف والخشية.

ويجمِّل جوارحه بالطاعات، ويجمِّل بدنه بإظهار نعمة الله عليه في لباسه، وتطهيره من الأنجاس والأحداث.

فيعرف ربه بالجمال الذي هو وصفه، ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه.

إن هذا الوجود الذي خلقه الله جميل، وجماله من جمال خالقه الجميل، الذي يملك الجمال كله، جمل الدنيا بما شاء، وجمل الآخرة بما شاء.

وهذا الجمال الذي خلقه الله في هذا الكون يتكرر كل يوم بل كل لحظة، ونراه في السماء ونجومها وكواكبها، وفي الأرض ونباتها وأشجارها، وما يدب عليها من إنسان وطير وحيوان.

قال الله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦)} [الصافات: ٦].

وقال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)} [الكهف: ٧].

وقال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً


(١) أخرجه مسلم برقم (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>