وخلق النحلة قابلة لأن يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانها، والزنبور غير قابل لذلك.
وخلق سبحانه الأرواح الطيبة قابلة لذكره وشكره، ومحبته وتوحيده، وإجلاله وتعظيمه، ونصح عباده.
وخلق الأرواح الخبيثة غير قابلة لذلك، بل قابلة لضده، وهو الحكيم العليم.
فكل خير فأصله توفيق الله للعبد .. وكل شر فأصله خذلانه لعبده.
فالتوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك .. والخذلان أن يخلى بينك وبين نفسك.
وإذا كان كل خير فأصله التوفيق، وهو بيد الله لا بيد العبد، فمفتاحه الدعاء والافتقار، وصدق اللجوء والرغبة والرهبة، وحسن التوجه إليه.
فمتى أعطى الله العبد هذا المفتاح، فقد أراد أن يفتح له أبواب الخير والبركات.
ومتى أضله عن المفتاح، بقي باب الخير مرتجاً عليه، فهو واقف دونه.
وعلى قدر نية العبد وهمته ورغبته في ذلك، يكون توفيقه سبحانه وإعانته، فالمعونة تنزل من الله على عباده بقدر همهم ورغبتهم ورهبتهم.
والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك.
والله بصير بالعباد .. وهو الحكيم العليم .. يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به .. ويضع الخذلان في مواضعه اللائقة به.
وما أُتي من أتي إلا من قِبل إضاعته الشكر والافتقار والدعاء.
وما ظفر من ظفر بتوفيق الله وعونه إلا بقيامه بالشكر والافتقار والدعاء.
وملاك ذلك كله الصبر، فإنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.
وقد ضل أكثر الخلق عن باب التوفيق:
إما لاشتغالهم بالنعمة عن شكر المنعم بها .. أو رغبتهم في العلم وتركهم العمل .. أو المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة .. أو الاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بأفعالهم .. أو إدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها .. أو إقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها .. أو الاهتمام بالعادات والتقاليد وترك السنن