للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابق يوجب ذلك لهم، ومن غير حول وقوة منهم إلا به، وهو سبحانه خالقهم وخالق أعمالهم الصالحة، وخالق جزائها، وهذا كله منه سبحانه، بخلاف الشر، فإنه لا يكون إلا بذنوب العبد، وذنبه من نفسه.

وإذا تدبر العبد هذا علم أن ما هو فيه من الحسنات من فضل الله، فشكر ربه على ذلك، فزاده من فضله عملاً صالحاً، ونعماً يفيضها عليه.

وإذا علم أن الشر لا يحصل له إلا من نفسه وبذنوبه، استغفر ربه وتاب، فزال عنه سبب الشر.

فيكون دائماً شاكراً مستغفراً، فلا يزال الخير يتضاعف له، والشر يندفع عنه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)} [النساء: ٧٩].

والعالم كله قسمان:

سعداء .. وأشقياء.

فالسعداء أربعة أنواع كما قال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} [النساء: ٦٩، ٧٠].

وأما الأشقياء فهم نوعان:

كفار .. ومنافقون.

فذكر الكفار بقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٩)} [الحديد: ١٩].

وذكر المنافقين بقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥)} [النساء: ١٤٥].

أما المخلط فليس من الكفار الذين قطع لهم بالعذاب، ولكنه بين الجنة والنار، واقف بين الوعد والوعيد، كل منهما يدعوه إلى موجبه، لأنه أتى بسببه، فعسى الله أن يتوب عليهم: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى

<<  <  ج: ص:  >  >>