ومن أرخى لزوجته وأولاده العنان، وترك لهم الحبل على الغارب، يفعلون ما يشاؤون، ويأكلون ما يشاؤون، ويسمعون ما يشاؤون، وينظرون إلى ما يشاؤون، فقد خان الأمانة، وأضاع من تحت يده، وغدر بأقرب الناس إليه.
ومن أعظم الأمانات التي يجب رعايتها، ما ائتمن الله عليه بعض عباده، من ولاية عامة أو خاصة.
فولي أمر المسلمين يجب عليه أداء الأمانة .. بالنصح لرعيته .. وإيصال حقوقهم إليهم .. والحكم بينهم بما أنزل الله .. ونشر العدل والأمن .. والضرب على أيدي العابثين .. والمفسدين في الأرض .. ونصر المظلوم .. وقمع الظالم .. والإحسان إلى الناس .. وتعليمهم الدين .. ونشر الدين .. والجهاد في سبيل الله.
ومن تولى أمور المسلمين فغشهم .. ومنع حقوقهم .. وحكم بينهم بالظلم والجور .. ونشر الفساد .. وقمع الدعاة .. وأسكت العلماء .. وقعد عن نصر الدين ونشره، فقد خان الأمانة.
ويجب على الرعية طاعة إمام المسلمين، وأداء الأمانة له بالسمع والطاعة .. وعدم شق عصا الطاعة .. وعدم الخروج عليه .. ولزوم النصح له .. والتعاون معه على البر والتقوى .. والدعاء له بالهداية والصلاح والنصر.
وتجب طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
ومن غش الإمام، وشق عصا الطاعة، وخرج عليه ظلماً وعدواناً، فقد خان الأمانة.
والقاضي والأمير والوزير والموظف يجب عليه أن يؤدي الأمانة بالعدل بين الناس والإحسان إلى الخلق، والنصح لهم، وقضاء حوائجهم.
ومن تعمد ظلم الناس وغشهم وأكل أموالهم فقد خان الأمانة.
ألا ما أعظم الأمانة .. وما أشد حملها .. وما أثقل أداءها .. وإنه ليسير على من عرف ربه .. وعرف جزيل إنعامه .. وعرف ثوابها .. وعرف عقوبة الخيانة.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ