والرحمن من أسماء الله التي لا يسمى بها غيره كما قال سبحانه:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الإسراء: ١١٠].
فعادل به الاسم الذي لا يشركه فيه غيره، وهو الله.
وأما الرحيم فإن الله تعالى وصف به نبيه - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].
فمن أسماء الله الحسنى ما يسمى به غيره كالعلي والرحيم ونحوهما، ومنها ما لا يسمى به غيره كاسم الله والرحمن والخالق والرازق ونحو ذلك.
والرحمة صفة كمال وجمال للرب سبحانه، فوصف نفسه بالرحمة، وتسمى بالرحمن الرحيم.
وظهور رحمته سبحانه في الوجود كظهور أثر صفة الربوبية والملك والقدرة، فإن ما لله على خلقه من الإحسان والإنعام شاهد برحمة ربانية تامة وسعت كل شيء.
فالمخلوقات كلها شاهدة لله سبحانه بالربوبية التامة، وما في العالم العلوي والسفلي من آثار التدبير والتصريف الإلهي شاهد بملكه سبحانه، وما في الوجود من آثار رحمته العامة، والخاصة بالمؤمنين، مما لا يمكن عدٌّه ولا إحصاؤه، ولا جحده ولا إنكاره، كله شاهد برحمته العامة الشاملة التي وسعت كل شيء.
بل آثار رحمته في الكون أظهر من نور الشمس:
فبرحمته سبحانه أرسل إلى عباده الرسل، وأنزل عليهم الكتب، وعلمهم من الجهالة، وهداهم من الضلالة.
وبرحمته عزَّ وجلَّ عرفنا من أسمائه وصفاته وأفعاله ما علمنا به أنه ربنا ومولانا، وأنه العزيز الكريم الرحيم العفو الغفور.
وبرحمته سبحانه علَّمنا ما لم نكن نعلم، وأرشدنا إلى مصالح ديننا ودنيانا.