أحدهما: تصديق الخبر عن الله ورسوله، وبذل الجهد في رد الشبهات التي توحيها شياطين الجن والإنس في معارضته.
الثاني: طاعة أمر الله ورسوله، ومجاهدة النفس في دفع الشهوات التي تحول بين العبد وبين كمال الطاعة.
فالشبهات والشهوات أصل فساد العبد وشقائه في معاشه ومعاده.
كما أن الأصلين الأولين: تصديق الخبر، وطاعة الأمر، أصل فلاح العبد وسعادته في معاشه ومعاده.
وكل عبد له قوتان:
الأولى: قوة الإدراك والنظر، وما يتبعها من العلم والمعرفة والكلام.
الثانية: قوة الإرادة والحب، وما يتبعهما من النية والعزم والعمل.
فالشبهات تؤثر فسادًا في القوة العلمية النظرية ما لم يداوها بدفعها.
والشهوات تؤثر فسادًا في القوة الإرادية العملية ما لم يداوها بإخراجها.
ومن تمام حكمة الله تعالى أنه يبتلي هذه النفوس بالشقاء والتعب في تحصيل مراداتها وشهواتها، فلا تتفرغ للخوض في الباطل إلا قليلاً، ولو تفرغت هذه النفوس لكانت أئمة تدعو إلى النار.
وهذا حال من تفرغ منها كما هو مشاهد بالعيان، فإن داء الأولين والآخرين أمران:
اتباع الشهوات المانعة من متابعة الأمر .. والخوض بالشبهات المانعة من الانقياد للأمر.
وهذا شأن النفوس الباطلة التي لم تخلق لنعيم الآخرة، ولا تزال ساعية في نيل شهواتها، فإذا نالتها فإنما هي في خوض بالباطل الذي لا يجدي عليها إلا الضرر العاجل والآجل، فاحذر هؤلاء ومجالسهم: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ