للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقبله، فهذا قلب حجري، ولا كالمائع الأخرق الذي يقبل، ولكن لا يحفظ ولا يضبط.

والفرق بين سلامة القلب، والبله والتغفل:

أن سلامة القلب تكون من عدم إرادة الشر بعد معرفته .. فيسلم قلبه من إرادته وقصده لا من معرفته والعلم به .. وهذا بخلاف البله والغفلة .. فإنها جهل وقلة معرفة .. وهذا لا يحمد إذ هو نقص.

فالكمال أن يكون القلب عارفًا بالخير، مريدًا له، عارفًا بالشر، سليمًا من إرادته.

وأصل أعمال القلوب المأمور بها:

الإيمان .. والإحسان .. والتقوى .. والتوكل .. والخوف .. والرجاء .. والإنابة .. والتسليم ونحوها.

وأصل ذلك كله الصدق، فكل عمل صالح ظاهر وباطن فمنشؤه الصدق، وأضداد ذلك من أعمال القلوب المنهي عنها هي:

الرياء .. والعجب .. والكبر .. والفخر .. والخيلاء .. والبطر .. والأشر .. والعجز .. والكسل .. والجبن، وغيرها.

وأصل ذلك كله الكذب، فكل عمل فاسد ظاهر وباطن فمنشؤه الكذب.

والله عزَّ وجلَّ يعاقب الكذاب، بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه، ويثيب الصادق، بأن يوفقه للقيام بمصالح دينه ودنياه وآخرته.

فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق، ولا استجلبت مضار الدنيا والآخرة ومفاسدهما بمثل الكذب.

ولهذا رغب الله عباده المؤمنين بالصدق، وأمرهم بلزوم أهل الصدق في القول والعمل كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة: ١١٩].

ولهذا كان الصدق أساس البر، والكذب أساس الفجور، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>