فإذا أراد الله أن يريحه ويحمل عنه، أنزل الله عليه سكينته، فاطمأن إلى حكمه الديني، وحكمه القدري.
وبحسب مشاهدة العبد لهما تكون طمأنينته وراحته، بل لذته.
فإذا اطمأن إلى حكمه الديني علم أنه دينه الحق، وهو صراطه المستقيم، وهو ناصره وناصر أهله وكافيهم.
وإذا اطمأن إلى حكمه الكوني، علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا وجه للجزع والقلق إلا ضعف الإيمان واليقين.
فكل محذور، وكل مخوف، إن لم يقدر فلا سبيل إلى وقوعه، وإن قُدر فلا سبيل إلى صرفه، بعد أن أبرم تقديره العليم القدير.
وأما طمأنينة المبتلى إلى المثوبة، فإن المبتلى إذا قويت مشاهدته للمثوبة سكن قلبه، واطمأن قلبه بمشاهدة العوض.
وإنما يشتد عليه البلاء إذا غاب عنه ملاحظة الثواب على البلاء.
وقد تقوى ملاحظة الثواب حتى يستلذ بالبلاء ويراه نعمه، كالدواء الكريه يلتذ به لملاحظة نفعه.
الثانية: طمأنينة الروح إلى الطريق الموصل إلى المطلوب، ومعرفة عيوب النفس، وآفات الأعمال، ومعرفة المطلوب المقصود بالسير، وهو معرفة الأسماء والصفات، والإيمان والتوحيد.
فتسكن النفس لذلك، وتطمئن إليه، كما يطمئن الجائع الشديد الجوع إلى ما عنده من الطعام، ويسكن إليه قلبه.
الثالثة: طمأنينة القلب إلى لطف الله عند شهوده ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلولا الطمأنينة لمحقه الشهود، فقد خرَّ موسى - صلى الله عليه وسلم - صعقًا لمّا تجلّى ربُّه للجبل.
وتدكدك الجبل وساخ في الأرض من تجليه سبحانه، وكذلك القلب السليم