فلا يحصل الإيمان بالآخرة حتى يطمئن القلب إلى ما أخبر الله به عنها.
والطمأنينة إلى أسماء الرب تعالى وصفاته نوعان:
طمأنينة إلى الإيمان بها وإثباتها واعتقادها .. وطمأنينة إلى ما تقتضيه وتوجبه من أثار العبودية.
فالطمأنينة إلى القدر وإثباته والإيمان به، يقتضي الطمأنينة إلى مواضع الأقدار التي لم يؤمر العبد بدفعها ولا قدرة له على دفعها، فيسلم لها ويرضى بها، ولا يسخط ولا يشكو، ولا يضطرب إيمانه.
فلا يأسى على ما فاته، ولا يفرح بما آتاه ربه، لأن المصيبة فيه مقدرة قبل أن تصل إليه وقبل أن يخلق كما قال سبحانه:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن: ١١].
وأما طمأنينة الإحسان: فهي الطمأنينة إلى أمر الله امتثالاً وإخلاصًا ونصحًا، فلا يقدم على أمره إرادة ولا هوى ولا تقليدًا، فلا يسكن إلى شبهة تعارض خبره، ولا إلى شهوة تعارض أمره.
وعلامات هذه الطمأنينة:
أن يطمئن من قلق المعصية وانزعاجها، إلى سكون التوبة وحلاوتها وفرحتها، وكل عاصٍ في قلبه الخوف والقلق، ولكن سكر الشهوة والغفلة يواري عنه ذلك الخوف والقلق.
ولكل شهوة سكر يزيد على سكر الخمر، وكذلك الغضب له سكر أعظم من سكر الشراب.
وكذلك يطمئن من قلق الغفلة والإعراض، إلى سكون الإقبال على الله وحلاوة ذكره، وتعلق الروح بحبه ومعرفته.