ولهذا جميع الذنوب يكون العبد فيها ظالمًا لنفسه، وظالماً لغيره.
والعمل له أثر في القلب، من نفع وضر، وصلاح وفساد، قبل أثره في الخارج.
وصحة القلب وصلاحه في العدل، ومرضه من الزيغ والانحراف والظلم.
والظلم كله من أمراض القلوب بأنواعه الثلاثة:
الظلم في حق الرب .. والظلم في حق النفس .. والظلم في حق الخلق.
وأصل صلاح القلب هو حياته واستنارته كما قال سبحانه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)} [الأنعام: ١٢٢].
ومن أمراض القلوب الحسد: وهو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود.
والحسد نوعان:
أحدهما: كراهة الإنسان للنعمة على غيره مطلقًا، وهذا هو الحسد المذموم، وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه، فيكون ذلك مرضًا في قلبه، ويلتذ بزوال النعمة عنه، وإن لم يحصل له نفع بزوالها، لكن نفعه زوال الألم الذي كان في نفسه.
الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه، فيحب أن يكون مثله، أو أفضل منه، فهذا حسد، وهو الذي يسمى الغبطة والمنافسة.
وهذا وإن كان مباحاً، إلا أن السالم من هذه الأمور أرفع درجة ممن عنده منافسة وغبطة.
ويعرض لكل قلب مرضان عظيمان وهما:
مرض الرياء .. ومرض الكبر.
فدواء مرض الرياء بـ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥].
ودواء مرض الكبر بـ: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥].