فمن الإنس من يستخدم الجن في المحرمات من الفواحش والظلم والشرك، والقول على الله بلا علم، وهذا محرمن وهو من أفعال الشياطين.
ومنهم من يستخدمهم في أمور مباحة لجلب ما ينفعه أو لدفع ما يضره، أو إحضار ماله، أو دلالة على مال ليس له مالك معصوم، ونحو ذلك، فهذا مباح كاستعانة الإنس بعضهم ببعض في ذلك.
ومنهم من يستعملهم في طاعة الله ورسوله، كما يستعمل الإنس في ذلك، فيأمرهم بما أمره الله ورسوله به، وينهاهم عما نهاهم لله ورسوله عنه، كما يأمر الإنس وينهاهم.
وهذه حال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحال من اتبعه واقتدى به من أمته، وهم أفضل الخلق لقيامهم بالدعوة إلى الله لعموم الثقلين.
والذين يستخدمون الجن في المباحات، يشيه استخدام سليمان - صلى الله عليه وسلم - لهم.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخدم الجن أصلاً، لكن دعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، وبلغهم الرسالة، وهذا أفضل شيء، وأعظم شيء.
وسليمان - صلى الله عليه وسلم - أعطاه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده وسخرت له الإنس والجن، والريح والطير، وهذا لم يحصل لغيره.
والإنسان من حيث هو إنسان عار عن كل خير من الإيمان، والعلم النافع، والعمل الصالح:
فهو ضعيف كما قال الله عنه: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} [النساء: ٢٨].
وهو ظلوم كفار كما قال الله عنه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)} [إبراهيم: ٣٤].
وهو ظلوم جهول كما قال الله عنه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)} [الأحزاب: ٧٢].
وهو عجول في أموره كما قال الله عنه: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ