للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيَامًا (٦٤)} [الفرقان: ٦٤].

وهم في قيامهم وركوعهم وسجودهم، يتوجهون إلى الله في ضراعة وخشوع أن يصرف عنهم عذاب جهنم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥)} [الفرقان: ٦٥].

وهم في حياتهم وأموالهم نموذج القصد والاعتدال والتوازن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)} [الفرقان: ٦٧].

فالإسراف والتقتير كلاهما مذموم.

فالإسراف مفسدة للنفس والمال والمجتمع، والتقتير حبس للمال عن انتفاع صاحبه به، وانتفاع الجماعة من حوله.

فحبس المال يحدث أزمات واختناق، ومثله إطلاقها بغير حساب، والاعتدال سمة من سمات الإيمان.

وسمة عباد الرحمن بعد ذلك أنهم لا يشركون بالله، ويتحرجون من قتل النفس إلا بحق، ومن الزنا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨)} [الفرقان: ٦٨].

وهذه الصفات الثلاث مفرق الطريق بين الحياة العالية الغالية والحياة السافلة الرخيصة.

إنها الحياة التي يشعر الإنسان فيها بارتفاعه عن الحس الحيواني الغليظ الهابط، وسموه إلى الحياة اللائقة بالإنسان الكريم على الله.

ومن سماتهم أنهم لا يشهدون الزور، لما في ذلك من إضاعة الحقوق، والإعانة على الظلم، ويفرون من مجالس الزور بكل صنوفه وألوانه، ترفعًا منهم عن شهود مثل هذه المجالس القذرة.

وهم كذلك يصونون أنفسهم وألسنتهم عن اللغو والرفث والهذر، ويوفرون أوقاتهم لما كلفهم الله به: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢)} [الفرقان: ٧٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>