والأقارب والأرحام والأولاد إذا كانوا كفارًا، قد تجر القلوب جرًا إلى المودة، وتنسى تكاليف الدين، وتضطر المسلمين إلى مودة أعداء الله وأعدائهم وقاية لها.
فهذه المودة لا تنفع، لأن العروة التي تربط المسلم بغيره مقطوعة وهي الإيمان: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣)} [الممتحنة: ٣].
فإذا انتفى العداء والعدوان من الكفار، فهو البر لمن يستحق البر، وهو القسط في المعاملة والعدل ولو كانوا كفارًا، فعسى هذا البر يكون سببًا في إسلامهم، ويعود الجميع إخوة مؤتلفي القلوب: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)} [الممتحنة: ٧، ٨].
إن الإسلام دين سلام، ودين محبة وأمن ونظام يستهدف أن يظلل العالم كله بظله، ويصبغهم بصبغته، وأن يقيم فيهم منهجه، وأن يجمع الناس تحت لواء الإسلام إخوة متحابين.
ونهى الإسلام أشد النهي عن الولاء لمن قاتل المسلمين، وأخرجوهم من ديارهم، وحكم على المؤمنين الذين يتولونهم بأنهم ظالمون: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩)} [الممتحنة: ٩].
إن القضية بين المؤمنين ومخالفيهم هي مسألة العقيدة وحدها، فليس بينهم وبين الناس ما يتخاصمون عليه ويتقاتلون إلا حرية الدعوة، وحرية العقيدة، وتحقيق منهج الله في الأرض، وإعلاء كلمة الله عز وجل.
فالعقيدة هي الراية الجامعة التي يقف تحتها المسلمون أين كانوا، ومن كانوا. فمن وقف معهم تحتها فهو منهم .. ومن قاتلهم من أجلها فهو عدوهم.
ومن سالمهم فتركهم لعقيدتهم ودعوتهم، ولم يصد الناس عنها، ولم يحل بينهم