فالعلم المحمود: ما ترتبط به مصالح أمور الدنيا كالطب والحساب، فالطب ضروري لبقاء الأبدان وسلامتها، فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء، وأرشد إلى استعماله، وأعد الأسباب لتعاطيه، فلا يجوز التعرض للهلاك بإهماله، وهو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وهو أفضل العلوم بعد علم الشرع، وفيه أجر بحسب نية صاحبه.
وكذلك الحساب، فإن تعلمه ضروري في المعاملات والبيوع، وقسمة الوصايا والمواريث وغيرها، وهو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الفرض عن الباقين.
فهذه العلوم وغيرها من أصول الصناعات كالفلاحة والخياطة والحياكة ونحوها مما يحتاجه عموم الناس في حياتهم، لو خلا البلد عمن يقوم بها حرج أهل البلد، وتعرضوا للهلاك، وهي فرض كفاية.
فلا يجوز إهمالها لما فيها من منافع للناس في معاشهم، لكن نتعلم منها، ونعلم بقدر الحاجة فقط.
وأما المذموم منه: فعلم السحر والكهانة والشعوذة ونحوها مما يفسد البلاد والعباد والأخلاق.
وأما المباح منه: فالعلم بالأشعار التي لا سخف فيها، وتواريخ الأخبار والأحداث ونحو ذلك.
والعلوم باعتبار ذاتها ثلاثة أقسام:
قسم محمود قليله وكثيره .. وكلما كان أكثر كان أحسن وأفضل .. وهو العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وخزائنه ووعده ووعيده.
وقسم مذموم قليله وكثيره .. وهو ما لا فائدة فيه في دين ولا دنيا، إذ فيه ضرر يغلب نفعه كعلم السحر والكهانة والنجوم ونحو ذلك.