وشرف العلم تابع لشرف المعلوم، ولا ريب أن أجلّ معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السموات والأرضين، الملك الحق المبين.
فأجل العلوم وأفضلها وأشرفها هو العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، بل هو أصلها كلها.
فإن العلم الإنساني لا يساوي ذرة بالنسبة للعلم الإلهي، وما يعلمه الإنسان من العلوم لا يساوي ذرة بالنسبة لما لا يعلمه، والعلم بذاته سبحانه وأسمائه وصفاته وأفعاله يستلزم العلم بما سواه.
فهو في ذاته سبحانه رب كل شيء ومليكه، والعلم به أصل كل علم ومنشؤه، فمن عرف ربه عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، والأنعام السائمة خير منه.
ولا شيء أطيب للعبد ولا ألذ ولا أهنأ ولا أنعم للقلب من معرفة ربه، ومحبة فاطره وباريه، ودوام ذكره، والسعي في مرضاته، وهذا هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه.
وله خلق الخلق .. ولأجله نزل الوحي .. وأرسلت الرسل .. وقامت السموات والأرض .. وخلقت الجنة والنار.
ولأجله شرعت الشرائع، وقام سوق الجهاد، وضربت أعناق من أباه، وآثر غيره عليه.
ولا سبيل إلى الدخول إلى ذلك والمنافسة فيه إلا من باب العلم، فإن محبة