كلها بيد الله وحده لا شريك له.
والإنسان إذا جاء في قلبه نور الإيمان رأى كل شيء على حقيقته.
الدنيا والآخرة .. الأموال والأشياء .. الأعمال والأخلاق .. وكما أنه إذا طلعت الشمس ميز الإنسان الحجر من الذهب، فأخذ الذهب وترك الحجر، فكذلك بنور الإيمان يقدم المسلم الآخرة على الدنيا، ويؤثر الأعمال الصالحة على جمع حطام الدنيا، ويعمل لآخرته بقدر طاقته، ويأخذ من الدنيا بقدر حاجته.
والعلم من أحسن الصفات التي تحصل بها اللذة، وهو درجات.
فأعلاها: العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ودينه وشرعه.
فالعلم بالله وأسمائه وصفاته ألذ العلوم وأشرفها وأعظمها.
ولذة القلب بمعرفة الله تعالى أعظم من لذة البدن بالأكل والشرب، فإن الجنة معدن تمتع الحواس، وأما القلب فلذته في لقاء الله تعالى ورؤيته ورضوانه وسماع كلامه.
ولذة النظر إلى الله يوم القيامة تزيد على لذة المعرفة به في الدنيا، وما فوقها لذة.
نسأل الله أن يبلغنا وسائر المسلمين إياها.
فالعارف حقاً من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، وعرف دينه وشرعه، ثم صدق الله في معاملته، وأخلص له العمل.
يعتزل الخلق فيما بينه وبين الله، حتى كأنهم أموات لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.
ويتنقل في منازل العبودية من عبودية إلى عبودية أخرى، ويتقلب في محاب الله ومراضيه، جاهداً في إصلاح نفسه وفي إصلاح غيره.
فتراه مصلياً .. ذاكراً .. تالياً لكتاب ربه .. داعياً إلى الله .. معلماً للكتاب والسنة .. متعلماً .. متفقهاً .. منفقاً .. متصدقاً .. حاجاً .. صائماً .. مجاهداً .. ناصحاً .. آمراً بالمعروف .. ناهياً عن المنكر .. واصلاً لرحمه .. محسناً إلى الخلق .. مواسياً للفقراء .. وهكذا قلبه متعلق بالآخرة .. متأهب للقدوم على ربه .. معرض عن الدنيا.