فعليه أن يعتني بحفظ وفهم الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وكلام أهل العلم، وأن يخلص لله ويراقبه ويتقيه، ويعمل بما علم، وأن يكون هدفه إرضاء الله عزَّ وجلَّ، وأداء الواجب، وبراءة الذمة، ونفع الناس.
ولا يهدف بعلمه وعمله إلى مال ولا عرض من الدنيا، ولا يهدف للرياء والسمعة.
فطالب العلم له موقف مع ربه بالصدق والإخلاص، وله موقف مع نفسه بالعلم والعمل، وله موقف مع غيره بالتعليم وحسن الخلق.
وقبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده، وهذا كما أنه معلوم مشاهد في الذوات والأعيان فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات.
فإذا كان القلب مملوءاً بالباطل اعتقاداً ومحبةً لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضع.
وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير طاعة الله، لم يمكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرغها من ضدها.
فكذلك قلب الإنسان المشغول بمحبة غير الله وإرادته، والشوق إليه والأنس به، لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته والشوق إليه إلا بتفريغه من تعلقه بغيره، ولا يمكن شغل حركة اللسان بذكره، والجوارح بخدمته، إلا إذا فرغها من ذكر غيره وخدمته.
فإذا امتلأ القلب بالشغل بالمخلوق، والعلوم التي لا تنفع، لم يبق فيه موضع للشغل بالله، ومعرفة أسمائه وصفاته وأحكام دينه.
وإذا امتلأ القلب بالشبه والشكوك والخيالات، والعلوم التي لا تنفع، والمفاكهات والمضحكات والحكايات ونحوها، ثم جاءته حقائق القرآن، والعلم الذي به كماله وسعادته، فلم تجد فيه فراغاً لها ولا قبولاً تعدته وتجاوزته إلى محل سواه.