فالكبر كان هو السبب في هلاك إبليس، ولعنة الله له، وطرده من رحمة الله، لما استكبر عن أمر ربه، وأبى أن يسجد لآدم كما قال سبحانه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)} [البقرة: ٣٤].
ولا يكاد يخلو طاغية في الأرض من هذا المرض العضال، بل لا يكاد يخلو منه إنسان، فمقل ومستكثر، ومنهم من يبديه، ومنهم من يخفيه، والله عليم بذات الصدور.
والله تبارك وتعالى هو الكبير في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه.
ومن كبريائه أن كرسيه وسع السموات والأرض، ومن عظمته وكبريائه أن نواصي الخلق كلهم بيده، فلا يتصرفون إلا بمشيءته، ولا يتحركون ويسكنون إلا بإذنه.
ومن كبريائه جل جلاله أن العبادات الصادرة من أهل السموات والأرض كلها المقصود منها تكبيره وتعظيمه، وإجلاله وإكرامه، ولهذا كان التكبير شعار العبادات الكبار كالصلاة، والأذان، والحج.
والله سبحانه العزيز الجبار المتكبر، الذي له الكمال والثناء، وله الحمد والمجد من جميع الوجوه، المنزه عن كل آفة ونقص، له الملك كله، الغني عن كل ما سواه، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات في الأرض والسماء، فله الحمد والشكر، وله العزة والمجد: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)} ... [الإسراء: ١١١].
فعلينا تعظيم الله وإجلاله وتكبيره، بالإخبار بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، وبالثناء عليه بهما، وبتحميده بأفعاله المقدسة.
وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له. وإخلاص الدين كله له، وبتعظيم شعائره ودينه، وأوامره وكلامه، وتوقير رسله بطاعتهم والاقتداء بهم.