الشفاء النافع.
وليس ذلك لقصور في الدواء، ولكن لخبث الطبيعة، وفساد المحل، وعدم قبوله.
قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)} [الإسراء: ٨٢].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَنْزَلَ الله دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» أخرجه البخاري (١).
وهذا يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها.
ولم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع في إزالة الأدواء من القرآن الكريم.
والله سبحانه جعل للإنسان حياتين:
حياة البدن بالروح، وهذه لازمة للحياة.
وحياة الروح والقلب بالنور، وهذه لازمة للنجاة.
قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)} [الشورى: ٥٢].
فجعل سبحانه وحيه روحاً ونوراً، فمن لم يحييه بهذا الروح فهو ميت، ومن لم يجعل له نوراً منه فهو في الظلمات ما له من نور.
والقرآن كتاب الله أنزله لينذر من كان حياً.
والمقصود بإنزاله تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله، لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} [ص: ٢٩].
ولا شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن،
(١) أخرجه البخاري برقم (٥٦٧٨).