إنه لا يكل الناس إلى الخوارق والمعجزات الخاصة المعدودة، إنما يكلهم إلى مألوفات حياتهم التي يشاهدونها كل يوم، ولكنهم يغفلون عنها لطول إلفهم لها، فيغفلون عن مواضع الإعجاز فيها.
فالمشاهدات المألوفة التي يراها الناس كل يوم، النسل والزرع، والماء والنار، والحياة والموت، فأي إنسان لم تدخل هذه المشاهدات في تجاربه؟.
أي ساكن كهف؟ .. وأي راع للغنم؟ .. وأي عالم ذرة؟ .. وأي عالم طبيعة؟ .. وأي عالم وأي جاهل؟.
أي واحد من هؤلاء وغيرهم على اختلاف مستوياتهم وأفكارهم، لم يشهد نشأة حياة حيوانية، ونشأة حياة نباتية، ومسقط ماء، وموقد نار، ولحظة وفاة.
من هذه المشاهدات والكائنات الهائلة التي يراها الإنسان، ينشئ القرآن العقيدة، وهي في بساطتها تخاطب فطرة كل إنسان، وتواجهه يومياً، فماذا يريد البشر فوق هذا؟: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦)} [الجاثية: ٦].
وهذا القرآن العظيم من أنزله؟ .. ومن أحكمه؟ .. ومن فصّله؟: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)} [هود: ١].