والعمل شرط لصحة الإيمان، والأعمال منها ما هو شرط صحةٍ كالصلاة، ومنها ما هو شرط كمالٍ كبر الوالدين.
والسائر إلى الله والدار الآخرة، بل كل سائر إلى مقصد لا يتم سيره ولا يصل إلى مقصوده إلا بقوتين:
قو ة علمية .. وقوة إرادية.
فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق، ومواضع السلوك، ويجتنب أسباب الهلاك، ومواضع العطب.
وبالقوة العملية يسير حقيقة، بل السير هو حقيقة القوة العملية، فإن السير هو عمل المسافر، وكذلك السائر إلى الله إذا أبصر الطريق وأعلامها، وأبصر المعاثر والوهاد، فقد حصل له شطر السعادة والفلاح، وبقي عليه الشطر الآخر.
وهو أن يضع عصاه على عاتقه ويشمر مسافراً في الطريق، قاطعاً منازلها منزلة بعد منزلة، وكلما قطع مرحلة استعد لقطع الأخرى.
فإذا استشعر قرب المنزل، هانت عليه مشقة السفر.
وكلما سكنت نفسه من كلال السير وعدها قرب التلاقي، وبرد العيش عند الوصول، فيحدث لها ذلك نشاطاً وفرحاً وهمة، فتواصل السير إلى منازل الأحبة، فتصل حميدة مسرورة، يتلقاها الأحبة بأنواع التحف والهدايا والكرامات، وليس بينها وبين ذلك إلا صبر ساعة.
والناس من حيث القوة العلمية والعملية قسمان:
الأول: من تكون له القوة العلمية الكاشفة عن الطريق ومنازلها وأعلامها وعوارضها ومعاثرها، وتكون هذه القوة أغلب القوتين عليه.
ويكون ضعيفاً في القوة العملية، يبصر الحقائق ولا يعمل بموجبها، ويرى المخاوف والمتالف ولا يتوقاها.
فهو فقيه ما لم يحضر العمل، فإذا حضر العمل شارك الجهال في التخلف، وفارقهم في العلم، وهذا هو الغالب على أكثر النفوس المشتغلة بالعلم، إذ قد