فالداعي حقاً من يدعو الناس إلى الله، ويقيمهم على الدعوة إلى الله، فالدعوة هي أم الأعمال، وبها تحيا الأوامر والسنن.
والمعلم حقاً من يعلم الناس الدين وأحكامه، ويأمرهم بتعليم الناس ذلك والعمل به، ويسبقهم إلى كل عمل صالح.
والصلاة أول الأوامر بعد الإيمان، والفرق بين الإسلام والكفر هو الصلاة، وإقامة الصلاة تكون بفعلها وأمر الناس بأدائها، وإقامتها بسننها وآدابها وشروطها، وتزيين ظاهرها بتطبيق السنن، وتزيين باطنها بالتوجه التام إلى الله، فيصلي العبد لله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته، فلا بدَّ أن نقيم الصلاة ظاهراً وباطناً حتى نقيم سائر الأعمال بالتوجه التام إلى الله، وحسن العمل خارج الصلاة، وإذا كنا في الصلاة في الغفلة فكيف في سائر أعمالنا كم تكون الغفلة؟.
ولا تكون الصلاة صحيحة إلا بعلم كامل، ولا نقوم بأي عمل في الدين إلا بعلم، والعلم هو ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السنن والأحكام.
ولتحصيل حقيقة العلم لا بدّ أن نعرف فضائل العلم، لتقبل النفوس على طلبه، وتعبد الله بموجبه، وبدون العلم الناس لا يعرفون الله ولا رسوله ولا أوامره ولا دينه.
وكل الناس يعملون، ولكن ليس كل الناس يفلحون، فمن عمل بأمر الله ورسوله أفلح، ومن عمل بهواه خسر، فسليمان عليه السلام عمل بملكه بأمر الله ورسوله فأفلح، وفرعون عمل بملكه بهواه فهلك.
والعلم هو الطريق لمعرفة العمل المأمور به شرعاً، والوعظ هو الباعث على العلم والعمل، والأحسن ألا يكون الوعظ يومياً؛ لئلا يسأم الناس، أما العلم فإنه يُطلب على قدر الطاقة، والناس في ذلك متفاوتون، وأكملهم أعلمهم وأتقاهم {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (١١٤)} [طه: ١١٤].