للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو سبحانه الواحد القهار، المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وما سواه من المخلوقات التي يعبدها الكفار، فإنما هي عاجزة مخلوقة مقهورة، لا تملك أن ترد الضر عن نفسها، فكيف تنفع غيرها، وكيف تقهر غيرها وهي مقهورة، فكيف تعبد وهذه حالها؟.

والله عزَّ وجلَّ خلق المخلوقات، وجعل فوق كل مخلوق مخلوقاً آخر يقهره، ثم جعل فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه، حتى ينتهي القهر لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق، وله الخلق والأمر، والتصريف والتدبير: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)} [الرعد: ١٦].

فالرياح العاصفة من مخلوقات الله المدمرة، ولكن الله قهرها بالجبال الراسية تردها، وتفرقها، وتكسر حدتها .. والجبال من مخلوقات الله العظيمة، ولكن الله قهرها وسلط عليها الحديد يقطعها ويكسرها .. والحديد من مخلوقات الله العجيبة، لكن الله قهره بالنار تذيبه .. والنار عظيمة الشأن، ولكن الله سلط عليها الماء يطفئها .. والمياه آية من آيات الله الكبرى، ولكن الله سلط عليها الرياح تصرفها وتقلبها.

والنبات آية من آيات الله، قهره الله بالإنسان والحيوان يأكله ويقطعه .. وقهر الإنسان والحيوان بالمرض يقعده ويؤلمه .. وقهر سبحانه جميع الكائنات الحية بالموت الذي يهلكها.

فكل مخلوق له قاهر أعلى منه يقهره، حتى ينتهي القهر الكامل الشامل لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق على ما أراد.

فسبحان الواحد القهار، العزيز الجبار: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩)} [البروج: ٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>