للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل ما وصل إلى العباد من أي وجه وصل، وعلى أي حال، وبأي قدر كان، فهو من الله المنفرد بالهبات، الوهاب على الإطلاق بجزيل العطايا، وجميع الأرزاق، لجميع الخلائق، في جميع الأوقات.

علَّم سبحانه عباده كيف يسألونه الإنعام والإحسان على وجه لا يكون فيه مكر ولا استدراج، فأعطاهم ما ينفعهم، ويصلح أحوالهم، ومنعهم ما يضرهم.

والكفار لما سألوه أعطاهم، ومكنهم مما فيه ضررهم وهلاكهم وشقاؤهم كما قال سبحانه: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)} ... [التوبة: ٥٥].

وكل ما وهب الله العباد، فهو عطية ومنحة منه سبحانه، وله سلبها وإبقاؤها متى شاء، وهي إما إ كراماً، أو عقوبة، أو ابتلاء.

قال الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠)} [ص: ٣٠].

وقال الله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)} ... [الأنعام: ٤٤].

وقال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥)} [الأنبياء: ٣٥].

فسبحان العزيز الوهاب، الذي وسع الخلق جوده ورحمته، وتتابعت مواهبه، وتوالت مننه وعوائده، ذو البذل الشامل، والعطاء الدائم، بغير تكلف ولا عرض ولا عوض.

وسبحان الكريم الوهاب، الذي تدر الهبات منه سبحانه على عباده في دنياهم وأخراهم دون انقطاع ولا نفاد، بل في نماء وازدياد على مر الدهور والآباد: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)} [ص: ٥٤].

وسبحان الكريم الذي خيره وفضله يرتع فيه البر والفاجر، والمطيع والعاصي، وسبحان الذي كل النعم التي ينعم بها العباد منه، وإليه يجأرون في دفع المكاره.

وتبارك الذي لا يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>