وذلك كله يدل على عظمة الخالق، وحسن تدبيره، وسعة رحمته التي عمت كل خلقه، وما ترك الله شيئاً من خلقه بدون تدبير يشمله، وعلم يحصيه، وفي النهاية تحشر الخلائق إلى ربها، فيقضي في أمرها بما شاء: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} [الأنعام: ٣٨].
والله على كل شيء قدير، وقد شاء أن يجعل في الإنسان الاستعداد المزدوج للهدى والضلال عن اختيار وحكمة لا عن قهر وإلزام.
وكذلك الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، بمشيئته تلك التي تعين من يجاهد، وتضل من يعاند، ولا تظلم أحداً من العباد.
والله سبحانه هو الإله الذي يستحق أن يعبد ويخضع له، ويطاع أمره، فهو خالق خلقه ومالكهم، وهو كذلك الرازق الذي يرزقهم من ملكه الذي ليس لأحد شريك فيه.
فكل ما يقتاته الخلق وكل ما يأكلونه فإنما هو من هذا الملك العظيم الخالص لله.
فإذا تقرر أن الله وحده هو الخالق المالك الرازق تقرر أن تكون الربوبية له سبحانه، وأن تكون الألوهية له سبحانه، وأن تكون العبودية خالصة له سبحانه.
فلا يُعبد ولا يطاع ولا يُشَرِّع إلا هو سبحانه، ومن له الأسماء الحسنى والصفات العلا والكمال المطلق والجلال والجمال كيف يليق بالإنسان العاقل أن يعرض عنه، ويعبد غيره؟: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤)} [الأنعام: ١٦٤].
أغير الله أبغي رباً ناقصاً عاجزاً يحكمني ويصرف أمري؟.
أغير الله أبغي رباً وهذا الكون كله في قبضته، والخلائق كلها تحت قهره