للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الكون كله عابد لربه يسبح بحمده، السموات والأرض والليل والنهار، والشمس والقمر والنجوم، والرياح الدائرة في الجو وكافة المخلوقات في السموات والأرض كما قال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤].

وإذا كان الكون كله عابداً لربه وبارئه وفاطره كما قال سبحانه: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)} [الإسراء: ٤٤].

فإن استكبار الإنسان عن هذه العبودية التي تؤديها جميع المخلوقات لربها، استكباره نشاز وشذوذ في الوجود، يجعل الناشز غريباً شاذاً شائهاً في الوجود، مع ما أنعم الله عليه من النعم التي لا تعد ولا تحصى، وفضّله على كثير من خلقه: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)} [الانفطار: ٦ - ٨].

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٤١) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٤٢)} [النور: ٤١، ٤٢].

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)} [الحج: ١٨].

والعبد إذا أخلى قلبه من محبة الله، والإيمان به، والإنابة إليه، وطلب مرضاته.

وأخلى لسانه من ذكر ربه، والثناء عليه، وأخلى جوارحه من شكره وطاعته، فلم يرد من نفسه ذلك ونسي ربه لم يرد الله سبحانه أن يعيذه من ذلك الشر، ونسيه كما نسيه، وقطع الإمداد الواصل إليه منه، كما قطع العبد العبودية والشكر

<<  <  ج: ص:  >  >>