ومتى عصى أقوام أوامر الله المتمثلة في شرائعه المبلغة لهم من رسله، بأن لا يدينوا لغير الله، فدانوا للطواغيت، فقد جحدوا بآيات ربهم، وعصوا رسله، وخرجوا بذلك من الإسلام إلى الشرك.
وقد بين الله ذلك مفصلاً في سورة الأنعام عن مشركي قريش، وبين فيها أن إقامة الحياة على غير منهج الله، واتباع الطواغيت في التحليل والتحريم، واتباع شرع لم يأذن به الله، وعبادة الأصنام والتوجه إليها بالعبادة كله ضلال وشرك: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠)} [الأنعام: ١٤٠].
فهذا كله من الشرك الذي حذر الله منه.
كما حكى الله سبحانه في سورة الأعراف وهود أحوال الأمم المكذبة للرسل، والتي أشركت مع الله غيره سواء في الشعائر التعبدية، أو الشرائع التي تنظم حياة الناس كما قال سبحانه: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٦٥)} [الأعراف: ٦٥].
إن توحيد الربوبية .. وتوحيد الألوهية .. وتوحيد مصدر الشريعة .. وتوحيد الجهة التي يدين لها الناس الدينونة الشاملة .. هو التوحيد الذي بعث الله به رسله، حتى يكون الله وحده هو المعبود، وهو المطاع دون سواه، وهو الذي يستحق أن تبذل في سبيله الأنفس والأموال والأوقات والجهود؛ لأن الله في حاجة إلى ذلك، فالله سبحانه غني عن العالمين، وغناه وصف لازم لذاته.
ولكن لأن حياة البشر لا تصلح ولا تستقيم، ولا ترتفع ولا تصبح حياة لائقة بالإنسان إلا بهذا التوحيد الذي لا حد لتأثيره في صلاح الحياة البشرية في كل