والأمم السابقة واللاحقة كلهم فطرهم الله على التوحيد: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)} [الروم: ٣٠].
فلم يكونوا يجحدون أن الله هو الذي خلق السماوات والأرض وخلقهم كما قال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)} [الزخرف: ٩].
ولكنهم ما كانوا يتبعون هذا الاعتراف بألوهية الله، بما ينبغي أن يتبع من عبادة الله وحده، والدينونة لله وحده بلا شريك، واتباع أمره وحده بلا منازع، وهو ما يدعوهم إليه كل نبي بقوله: {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤)} [هود: ٨٤].
وما تستقيم عقيدة الله في القلب، ثم تترك شريعة الله المتعلقة بالسلوك والمعاملة إلى غيرها من قوانين الأرض.
فلا يمكن أن يجتمع التوحيد والشرك في قلب واحد أبداً.
والشرك بالله ألوان، منه هذا اللون الذي يعيشه كثير من الناس اليوم، وهو يمثل أصل الشرك الذي يلتقي عليه المشركون في كل زمان ومكان.
إن العبادة من مقتضيات العقيدة، ومن صور العبودية والدينونة لله، وإن العقيدة لا تقوم بغير توحيد الله ونبذ ما يعبد من دونه، كما أنها لا تقوم إلا بتنفيذ شريعة الله في كل شأن من شئون الحياة .. والتعامل .. والتجارة .. وتداول الأموال وغيرها.
فلا بدَّ من طاعة الله في كل ذلك وتنفيذ أمره كما قال شعيب - صلى الله عليه وسلم - لقومه: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ