حوله من خلق الله، وهم يسبحون بحمده وتقواه، كل قانت لربه، عابد له، كل قد علم صلاته وتسبيحه.
والإنسان وحده هو الذي يغفل عن تسبيح ربه، وهو أجدر خلق الله بالإيمان والتسبيح، والعبودية والطاعة.
إن الله تبارك وتعالى هو العلي العظيم، وكتابه عظيم، ورسوله عظيم، ودينه أعظم الأديان وأحسنها، وهذه الأمة عظيمة ما آمنت بربها، وتمسكت بكتابه، وأطاعت رسوله، واهتدت بهديه.
إن الإسلام الذي أرسل الله به محمداً - صلى الله عليه وسلم - ليس فقط مجموعة إرشادات ومواعظ .. ولا مجموعة آداب وأخلاق .. ولا مجموعة شعائر وشرائع .. إنه يشتمل على هذا كله .. ولكن هذا كله ليس هو الإسلام.
إنما الإسلام هو الاستسلام لله، والاستعداد ابتداء لطاعة أمره ونهيه، واتباع المنهج الذي أنزله، دون الالتفات إلى أي توجيه آخر، ودون الاعتماد كذلك على أحد سواه.
وهو الشعور بأن البشر في هذه الأرض خاضعون للرب الواحد، الذي يصرفهم كما يصرف هذا الكون كله، كما يصرف العالم العلوي والسفلي وما بينهما من الكائنات والمخلوقات، ويدبر أمر الوجود كله ما خفي منه وما ظهر، وما غاب منه وما حضر، وما تدركه منه العقول وما لا تدركه.
وهو اليقين بأنهم ليس لهم من الأمر شيء إلا اتباع ما يأمرهم به الله، والانتهاء عما ينهاهم عنه، والأخذ بالأسباب التي يسرها لهم، وارتقاب النتائج التي يقدرها الله تعالى.
هذه هي القاعدة والأصل الذي يقوم عليه كل شيء.
ثم يأتي بعد ذلك العمل ممثلاً في الشعائر والشرائع .. والآداب والأخلاق .. والسنن والأحكام، بوصفها الترجمة العملية لمقتضيات العقيدة المستكنة في القلب، والآثار الواقعية لاستسلام النفس لله، والسير على منهجه في الحياة.