للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكمال المطلق في كل شيء، فكيف لا يفرده العباد بكمال المحبة؟

وكل كمال في الوجود فهو من آثار كماله سبحانه، وكل علم في الوجود فهو من آثار علمه سبحانه، وكل قدرة في الوجود فهي من آثار قدرته.

فنسبة الكمالات الموجودة في العالم العلوي والسفلي إلى كماله سبحانه كنسبة علوم الخلق وقدرتهم وقواهم وحياتهم إلى علمه سبحانه وقدرته وقوته وحياته.

ولا نسبة أصلاً بين كمالات العالم وكمال الله سبحانه وتعالى، فيجب أن لا يكون بين محبته ومحبة غيره من الموجودات له نسبة.

بل يجب أن يكون حب العبد له أعظم من حبه لكل شيء بما لا نسبة بينهما كما قال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥].

فهذا عقد الإيمان الذي لا يتم إلا به، ولا غنى للعبد عن ذلك، بل هي مسألة تفرض على العبد، وهي أصل عقد الإيمان الذي لا يدخل الداخل فيه إلا بها، ولا فلاح له ولا نجاة إلا بها.

ومن لم يتحقق بها علماً وحالاً وعملاً لم يتحقق بشهادة (أن لا إله إلا الله) فإن لا الإله هو المحبوب المعبود الذي تألهه القلوب بحبها وتخضع له، وتذل له، وتخافه وترجوه، وتنيب إليه، وتدعوه، وتتوكل عليه في مصالحها، وتطمئن بذكره، وتسكن إلى حبه، وليس ذلك إلا لله وحده.

والمحبة درجات متفاوتة:

بعضها أكمل من بعض، فمحبة عامة الناس تنبض من مطالعة النعم والآلاء، ولهذه المحبة منشأ وثبوت ونمو.

فمنشؤها: الإحسان ورؤية فضل الله ومننه على عباده.

وثبوتها: باتباع أوامره التي شرعها على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ونموها وزيادتها: يكون بإجابة العبد لدواعي فقره وفاقته إلى ربه، فهو فقير

<<  <  ج: ص:  >  >>