إن الأمة الأسلامية في أغلب ديار الإسلام قد تجاوزت مقصد حياتها، وسافرت إلى الدنيا، فهي الآن عليلة تشكو من كل شيء في أخلاقها ومعاشراتها، في معاملاتها وكسبها، في بيوتها وأسواقها.
لأنها تجاوزت مقصد حياتها فرافقها الشيطان في جميع أحوالها، لا يبيع الإنسان ويشتري إلا والشيطان معه، ولا يأكل ولا يشرب إلا والشيطان معه، ولا يلبس إلا والشيطان معه، ولا ينفق إلا والشيطان معه، ولا يقوم ولا يقعد ولا يمشي إلا والشيطان معه.
ولا صلاح للبشرية إلا بأن ترجع الأمة الإسلامية إلى مقصدها ووظيفتها، بعبادة الله وحده لا شريك له، وطاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والدعوة إلى الله.
فموسى - صلى الله عليه وسلم - لما جاوز مقصده قال لفتاه: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (٦٢)} [الكهف: ٦٢].
فأحس موسى بالتعب لما جاوز مقصده، ولا يتخلص من هذا التعب، ولا يسلم من الشيطان إلا بالرجوع إلى مقصده {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (٦٤) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (٦٥)} [الكهف: ٦٤، ٦٥].
فلما رجعا ظفرا بالخير ونالا مرادهما.
وقد منَّ الله على هذه الأمة، وطلب منها أن تستقيم في جميع أمورها، وأن تعيش كما عاش الأنبياء والمرسلون؛ لأنها قدوة البشرية إلى يوم القيامة كما قال سبحانه:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران: ١١٠].
ولكن أكثر الأمة ترك مقصد حياته.
فصار كثير من المسلمين اليوم يعيشون عيشة اليهود والنصارى في أفكارهم وأعمالهم، وفي كسبهم ومعاملاتهم، وفي سائر شعب حياتهم في الدنيا يرافقون ويشاركون اليهود والنصارى والشياطين في طريقة حياتهم، وفي الآخرة يريدون