إن كيد الأعداء للمسلمين عجيب، وأعجب منه غفلة المسلمين عن هذا الكيد قروناً طويلة، وأعجب من هذا وذاك وجود العلاج بين أيديهم، وهم لا يفقهونه، ولا يعرفونه، ولا يستخدمونه.
ومن هذا الكيد اللئيم:
هذه الدراسات والبحوث الفقهية غير المطبقة في الحياة، إنها دراسة للتلهية، لمجرد الإيهام بأن لهذا الفقه مكاناً في الأرض التي تدرسه في معاهدها ومساجدها وهي لا تطبقه في واقع حياتها، وهو إيهام يبوء بالإثم من يشارك فيه ليخدر مشاعر الأمة بهذا الإيهام والتضليل، وإضاعة الأوقات في بحوث باردة لا تحرك ساكناً ولا تقيم معوجاً.
إن هذا الدين جد وحق، جاء ليحكم الحياة في النفس والمجتمع، في المسجد والبيت والسوق، وفي كل مكان وزمان.
جاء ليعبد الناس الله وحده، ويرد الأمر كله إلى شريعة الله، لا إلى شرع أحد سواه.
جاء هذا الدين العظيم الكامل الشامل ليحكم الحياة كلها، ولتواجه بأحكام الله حاجات الحياة الواقعية.
ولم يجيء هذا الدين ليكون مجرد شارة أو شعار، ولا لتكون شريعته موضوع دراسة نظرية لا علاقة لها بواقع الحياة، ولا لتعيش مع الفروض التي لم تقع، وتضع لهذه الفروض الطائرة أحكاماً فقهية في الهواء.
وبمثل هذا انحدر كثير من المسلمين في القاع، وبدلوا نعمة الله كفراً، وارتدوا على أعقابهم من بعد ما تبين لهم الهدى، وركبوا مركباً آخر، وما يعدل عن شرع الله إلى شرع الناس إلا ضال جهول، أو مغتر كفور: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ