فكما أن الصلاة والصيام قسمان: فرض ونفل، فكذلك الذكر نوعان:
فالذكر الحقيقي: هو الالتزام بأداء جميع الأحكام والعبادات المفروضة في وقتها، والالتزام بجميع الأدعية والأوراد المشروعة طبقاً لما ورد في السنة، وهذا هو الذكر الواجب.
يؤدي المسلم ذلك كله معظماً لربه، حامداً له، محباً له، خاشعاً لربه، معتقداً بفضلها، راجياً من ربه الثواب عليها.
أما الذكر النفلي: فهو عبارة عن الأذكار المسنونة التي بينها النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتي ترسخ حقائق الأوامر الإلهية في القلب، وتنشط الجوارح لأدائها والإكثار منها، والصبر عليها.
فالذكر الحقيقي: فرض واجب، ولا يمكن تركه، ولا الزيادة فيه، ولا النقصان منه، ولا التصرف في كيفية أدائه، أو تحديد أوقاته.
أما الذكر النفلي: فهو أمر اختياري مسنون، يقوم به العبد المسلم في الأوقات المتبقية من أداء الواجبات والفرائض الشرعية، وذلك حتى يظل المسلم دائم الصلة بربه، وحتى لا يشتغل الإنسان بالأعمال التي لا تعنيه في حياته.
إذ أن الشيطان يسعى لإشغال المسلم القائم بأداء واجباته الدينية في أوقات الفراغ باللهو واللعب، واللغو والفواحش، فللبعد عن حملات الشيطان، وهوى النفس وشهواتها، والمحافظة على الرباط الذي يربط المسلم بربه، لتحصل له البركات، لزم الاهتمام بالذكر النفلي.
وحتى يصل الإنسان إلى حقيقة الذكر لا بدَّ من أمور:
الأول: بذل الجهود الممكنة لفهم القرآن وتدبره، وقراءة ما تيسر منه يومياً إما في آخر الليل، أو قبيل نوافل التهجد.
ومن لا يستطيع أن يقرأ فعليه أن يهتم بسماع القرآن من غيره، وعلى القارئ أن يقرأ بتدبر وتفكر ليتأثر قلبه فينشط للإيمان والخشوع والطاعات، معظماً لربه، وكلام مولاه، منفذاً لأحكامه.