الله، وهو ما كان بالله ولله، من الأقوال والأعمال والنيات، ومداخله - صلى الله عليه وسلم - ومخارجه كلها مداخل صدق ومخارج صدق، إذ هي لله وبالله وبأمره، ولابتغاء مرضاته.
والصادق لا تراه إلا هارباً من مكان إلى مكان، ومن عمل إلى عمل، ومن حال إلى حال؛ لأنه يخاف في كل حال يطمئن إليها أن تقطعه عن مطلوبه، فهو كالجوال في الآفاق في طلب الغنى، الذي يفوق به الأغنياء.
والصادق مطلوبه رضى ربه، وتنفيذ أوامره، وتتبع محابه، فهو متقلب فيها يسير معها حيث سارت، فبينما هو في صلاة، إذ رأيته في ذكر، ثم في غزو، ثم في حج، ثم في إحسان إلى الخلق، ثم في أمر بالمعروف، ثم في نهي عن منكر، أو في عيادة مريض، أو تشييع جنازة أو نصر مظلوم .. أو غير ذلك من القرب والطاعات وأعمال البر المختلفة.
والصدق يطلق على معان كثيرة:
منها الصدق في القول، فلا يتكلم إلا بالصدق، والصدق باللسان أشهر أنواع الصدق وأظهرها.
وينبغي للعبد أن يراعي معنى الصدق في ألفاظه التي يناجي بها ربه، فإن كان قلبه منصرفاً عن الله، مشغولاً بالدنيا، فهو كاذب.
ومنها الصدق في النية والإرادة، وذلك يرجع إلى الإخلاص، فإن فقد ذلك بطل صدق النية.
ومنها الصدق في العزم والوفاء به كأن يقول: إن آتاني الله مالاً تصدقت به ونحوه.
ومنها الصدق في الأعمال، وهو أن تستوي سريرته وعلانيته في جميع أعماله.
ومنها الصدق في مقامات الدين كالصدق في الخوف والرجاء، والزهد والحب، والتوكل على الله ونحو ذلك.
وكل من عامل الله بالصدق استأنس به، واستوحش من الخلق.