والتقوى تقوم على أصول عظيمة، ولها دلائل وشواهد من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والأعمال الصالحة التي هي آثار الإيمان وبرهانه ونوره، والأخلاق الحسنة التي هي جمال الإنسان، فمن اتصف بهذه الصفات فهو من الأبرار الصادقين المتقين كما قال سبحانه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)} [البقرة: ١٧٧].
والتقوى: هي التحلية بعد التخلية، والتزين بعد التطهر بفعل الطاعات بعد التخلي عن السيئات.
والتحلية فعل الحسنات إما بالقلب، أو القالب، أو المال.
فرأس الأعمال القلبية الإيمان، والجامعة للأعمال البدنية هي الصلاة التي هي عماد الدين، وقطب الأعمال المالية هي الزكاة والصدقات كما قال سبحانه: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} [البقرة: ١ - ٣].
والتقوى وصية الله للأولين والآخرين كما أخبر الله بذلك بقوله: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (١٣١)} [النساء: ١٣١].
وتقوى الله عزَّ وجلَّ هي أن لا يفقدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك،